قبل ذكر الآيات التي تعالج الغضب ينبغي التوضيح أن «الغضب عدو العقل، وهو له كالذئب للشاة قلَّما يتمكن منه إلا اغتاله» ؛ أما عن انواع الغضب فهي كما يلي:
أنواع الغضب:
الأول: الغـضـب المحـمـود:
وهـو مـا كان لله ـ تعالى ـ عنـدما تنـتـهك محـارمه، وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان؛ إذ إن الذي لا يغــضب فـي هــذا المحل ضعـيف الإيمـان.
قال ـ تعـالى ـ عـن موسى ـ عليـه وعلـى نبيـنا الصلاة والسلام ـ بـعـد علمه باتخـاذ قومه العـجـل:-
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١٥٠﴾
﴿ الأعراف﴾
-
فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي ﴿٨٦﴾
﴿ طه﴾
أما غضب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فلا يُعرف إلا أن تنتهك محارم الله ـ تعالى ـ فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يُنتهَك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل
ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: «خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على أصحابه وهم يختصمون في القدر؛ فكأنما يُفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب، فقال: «بهذا أمرتم؟ أو لهذا خلقتم؟ تضـربون الـقرآن بعـضه ببعـض؛ بهذا هـلكت الأمم قبلكم» فـقال عبد الله بن عمرو: ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسـول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ما غبـطت نفـسي بذلك المجـلس وتخـلفي عـنه»؛ وما أكثر ما تنتهك محارم الله ـ فهذا مما يوجب الغضب لله ـ تعالى ـ وهو من الغضب المحمود، وعلامة على قوة الإيمان. الثاني: الغضب المذموم:
وهو ما كان في سبيل الباطل والشيطان ، فالحق عند هؤلاء الغاضبين ما وافق هواهم، والباطل ما حدَّ من مبتغاهم. قال تعالى :-
لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّـهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٤٦﴾ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَـٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ﴿٤٨﴾ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴿٤٩﴾ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٥٠﴾ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥١﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّـهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٥٢﴾
﴿ النور﴾
الثالث: الغضب المباح:
وهو الغضب في غير معصية الله ـ تعالى ـ دون أن يتجاوز حدَّه كأن يجهل عليه أحد، وكظمه هنا خير وأبقى. قال ـ تعالى ـ:-
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾
﴿ آل عمران﴾
ومما يُذكر هنا أن جارية لعلي بن الحسين جعلت تسـكب عليـه المـاء، فتهيأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه، فرفع علي بن الحسين رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله ـ عز وجل ـ يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} فقال لها: قد كظمت غيظي. قالت: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} فقال لها: قد عفا الله عنك. قالت: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال: اذهبي فأنت حرة(1).
وقال نوح بن حبيب: كنت عند ابن المبارك فألحوا عليه، فقال: هاتوا كتبكم حتى أقرأ. فجعلوا يرمون إليه الكتب من قريب ومن بعيد، وكان رجل من أهل الري يسمع كتاب الاستئذان، فرمى بكتابه فأصاب صلعةَ ابن المبارك حرفُ كتابه فانشق، وسال الدم، فجعل ابن المبارك يعالج الدم حتى سكن، ثم قال: سبحان الله! كاد أن يكون قتال، ثم بدأ بكتاب الرجل فقرأه 8وقال نوح بن حبيب: كنت عند ابن المبارك فألحوا عليه، فقال: هاتوا كتبكم حتى أقرأ. فجعلوا يرمون إليه الكتب من قريب ومن بعيد، وكان رجل من أهل الري يسمع كتاب الاستئذان، فرمى بكتابه فأصاب صلعةَ ابن المبارك حرفُ كتابه فانشق، وسال الدم، فجعل ابن المبارك يعالج الدم حتى سكن، ثم قال: سبحان الله! كاد أن يكون قتال، ثم بدأ بكتاب الرجل فقرأه
وقد ثبت علميا أن الغضب كصورة من صور الانفعال النفسى يؤثر على قلب الشخص الذي يغضب تأثيرا يماثل العدو أو الجري على القلب ،كما أن انفعال الغضب يزيد من عدد مرات انقباضاته في الدقيقة الواحدة فيضاعف بذلك كمية الدماء التي يدفعها القلب أو التي تخرج منه إلى الأوعية الدموية مع كل واحدة من هذه الانقباضات أو النبضات وهذا بالتالي يجهد القلب لأنه يقسره على زيادة عمله عن معدلات العمل الذي يفترض أن يؤديه بصفة عادية أو ظروف معينةإلا أن العدو أو الجري في إجهاده للقلب لا يستمر طويلا لأن المرء يمكن أن يتوقف عن الجري إن هو أراد ذلك إما في الغضب فلا يستطيع الإنسان أن يسيطر على غضبه لا سيما وإن كان قد اعتاد على عدم التحكم في مشاعره وقد لوحظ أن الإنسان الذي اعتاد على الغضب يصاب بارتفاع ضغط الدم ويزيد عن معدله الطبيعى حيث إن قلبه يضطر إلى أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المعتاد المطلوب كما أن شرايينه الدقيقة تتصلب جدرانها وتفقد مرونتها وقدرتها على الاتساع لكي تستطيع أن تمرر أو تسمح بمرور أو سريان تلك الكمية من الدماء الزائدة التي يضخها هذا القلب المنفعل ولهذا يرتفع الضغط عند الغضب هذا بخلاف الآثار النفسية والاجتماعية التي تنجم عن الغضب في العلاقات بين الناس والتي تقوّض من الترابط بين الناس ؛وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا بعدم الغضب ومن هنا تظهر الحكمة العلمية والعملية في تكرار الرسول صلى الله عليه وسلم توصيته بعدم الغضب.و يقول الدكتور أحمد شوقي ابراهيم عضوالجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الامراض الباطنية والقلب .. أن الميول الانسانية تنقسم الى أربعة أقسام , ويختلف سلوك وتصرفات الاشخاص باختلاف هذه الميول ومدى السيطرة عليها : الميول الشهوانية وتؤدي الى الثورة والغضب .. الميول التسلطية وتؤدي الى الكبر والغطرسة وحب الرياسة .. الميول الشيطانية وتسبب الكراهية والبغضاء للاخرين . ومهما كانت ميول الانسان فانه يتعرض للغضب فيتحفز الجسم ويرتفع ضغط الدم فيصاب بالامراض النفسية والبدنية مثل السكر والذبحة الصدرية . وقد أكدت الابحاث العلمية أن الغضب وتكراره يقلل من عمر الانسان.
وقد حذر علماء الطب الألمان من أن الغضب يشكل خطراً على القلب، مشيرين إلى أن أكثر الذين أصيبوا بأمراض في القلب كان " الغضب " أحد أسبابه الرئيسية .
وأعلن الأطباء في مؤتمر عقدوه يوم الثلاثاء 16-4-2002م في برلين أن أكثر الذين توفُّوا بجلطة قلبية كان " الغضب " أحد أسباب الوفاة الرئيسية، إذ أن الغضب يعمل على تقوية سرعة القلب بحيث تخرج عن السيطرة.
وقد لوحظ أن الإنسان الذي اعتاد على الغضب يصاب بارتفاع ضغط الدم حيث أن قلبه يضطر إلى أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المعتاد ويزيد عن معدله الطبيعي كما أن شرايينه الدقيقة تتصلب جدرانها وتفقد مرونتها وقدرتها على الاتساع لكي تستطيع أن تمرر تلك الكمية من الدماء الزائدة التي يضخها قلب الغاضب.كما أن الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً يؤدي إلى إصابة الغضبان بالجلطة المخيه، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ ،وقد يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجىء، وكلنا يسمع بتلك الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب.
و بتحرر الجليكوجين من مخازنه في الكبد يطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي، إذ من المعلوم أن معظم حادثات السكر تبدأ بعد أنفعال شديد أو غضب.
أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الاستقلاب الأساسي ويعمل على صرف كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلى شعور الغاضب بارتفاع حرارته وسخونة جلد.
كما يؤدي زيادة الهرمون إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد. وهذا سبب إصابة ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.
ويزداد أثناء الغضب إفراز الكورتيزون من قشرة الكظر مما يؤدي إلى زيادة الدهون في الدم على حساب البروتين، ويحل الكورتيزون النسيج اللمفاوي مؤدياً إلى نقص المناعة وإمكانية حدوث التهابات جرثومية متعددة، وهذا ما يعلل ظهور التهاب اللوزات الحاد عقب الانفعال الشديد.
كما يزيد الكورتيزون من حموضة المعدة وكمية الببسين فيها مما يهيء للإصابة بقرحة المعدة أو حدوث هجمة حادة عند المصابين بها بعد حدوث غضب عارم.
يسبب تكرار الغضب حدوث تصلب في العضلات وانتفاخ الأوداج وآلام في الرقبة أو الكتف أو الظهر، مع صداع الغضب، وحدوث الفزع والقلق الدائم والتوتر مع فقد القدرة على النوم وقلة التركيز مما يؤدي لخوار قوة البدن وسقوطه فريسة للإنهاك.
تتضاعف الأحاسيس بفعل التوتر والغضب ويصبح الغاضب أكثر حساسية للضوضاء كأجراس الهاتف والباب وأكثر حساسية للمس وللضوء والروائح مما قد يجعله في حالة متزايدة من الإثارة ويزيد من حجم المشاكلالهدي النبوي في منع وقوع الغضب: سبع قواعد نبوية نورانية :
إن من فضل الله تعالى على المسلمين أن جعل لهم قدوة يقتدون بها؛ تتمثل فيها مكارم الأخلاق التامة؛ التي أخذت من مشكاة النبوة وذلك هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أثنى عليه ربه عز وجل فقال" :-
وإنك لعلي خلق عظيم ﴿١٤٧﴾
﴿ القلم﴾
ومن مكارم الأخلاق التي عنيت بها السنة وأمر بها القرآن العظيم مجاهدة نوازع الغضب والحلم؛ وكظم الغيظ؛ والعفو عند المقدرة حتى في مواجهة المتطاولين والجهلاء وفي ذلك منهج رباني أمرنا كمسلمين بالأخذ به وهدي نبوي يحقق لنا النجاح في الدنيا والنجاة في الآخرة .
وقد جاءت السنة النبوية المطهرة بخطة فعالة لمنع وقوع الغضب ومن ثم تفادي تأثيره على الفرد والمجتمع.
وقد أوتي رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم- كما نعلم من سيرته المباركة -أوفى قدر من الحلم وضبط النفس عند الغضب. كما نجده صلى الله عليه وسلم يقول لمن يغضب:" واذا غضب أحدكم فليسكت" .. لان أي سلوك لهذا الغاضب لا يمكن أن يوافق عليه هو نفسه اذا ذهب عنه الغضب ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان .. والقرآن الكريم يصور الغضب قوة شيطانية تقهر الانسان وتدفعه الى أفعال ما كان يأتيها لو لم يكن غاضبا فسيدنا موسى .. ألقى الالواح وأخذ برأس أخية يجره إليه .. فلما ذهب عنه الغضب .. ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الالواح .. وكأن الغضب وسواس قرع فكر موسى ليلقي الالواح .. وتجنب الغضب يحتاج الى ضبط النفس مع ايمان قوي بالله ويمتدح الرسول صلى الله عليه سلم هذا السلوك في حديثه .. ليس الشديد بالصرعة وانما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب .. ولا يكون تجنب الغضب بتناول المهدئات لان تأثيرها يأتي بتكرار تناولها ولا يستطيع متعاطي المهدئات ان يتخلص منها بسهولة ولان الغضب يغير السلوك فإن العلاج يكون بتغيير سلوك الانسان في مواجهة المشكلات اليومية فيتحول غضب الانسان الى هدوء واتزان .... ويضيف الدكتور أحمد شوقي .. أن الطب النفسي توصل الى طريقتين لعلاج المريض الغاضب .. الاولى : من خلال تقليل الحساسية الانفعالية وذلك بتدريب المريض تحت أشراف طبيب على ممارسة الاسترخاء مع مواجهة نفس المواقف الصعبة فيتدرب على مواجهتها بدون غضب أو انفعال .. الثانية : من خلال الاسترخاء النفسي والعضلي وذلك لأن يطلب الطبيب من المريض أن يتذكر المواقف الصعبة واذا كان واقفا فليجلس أو يضطجع ليعطيه فرصة للتروي والهدوء .. هذا العلاج لم يتوصل اليه الطب الا في السنوات القليلة الماضية بينما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لاصحابه في حديثه :" اذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فاذا ذهب عنه الغضب أو فليضطجع" ، 9, 10
* علاج الغضب:
«ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء» ومن الأدوية لعلاج داء الغضب ما يلي:
أولا: الاستعاذة بالله من الشيطان:-
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٦﴾
﴿ فصلت﴾
عن سليمان بن صرد ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت جالساً مع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورجلان يستبان؛ فأحدهما احمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: «إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد؛ لو قال: أعـوذ بالله مـن الشيطان؛ ذهب عنه ما يجد» فقالوا له: إن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: «تعوَّذْ بالله من الشيطان» فقال: وهل بي جنون؟(4). قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «وأما الغضب فهو غول العقل يغتاله كما يغتال الذئب الشاة، وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته» .
ثانياً: تغيير الحال:
عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس؛ فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع»ثالثاً: ترك المخاصمة والسكوت:
قـال الشـيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ: «ومـن الأمـور الـنافـعة أن تعلم أن أذية الناس لك وخصوصاً فـي الأقـوال السيـئة لا تضرك بل تضرهم؛ إلا إن أشغلت نفـسك في الاهتـمام بها، وسـوغـت لها أن تمـلك مشاعرك؛ فعـند ذلك تضـرك كما ضـرتـهم؛ فإن أنـت لم تصنع لها بالاً، لم تضرك شيئاً»
يخاطبني السفيه بكل قبح **** فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلماً **** كعود زاده الإحراق طيبا
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله علـيه وآله وسـلم ـ أنه قـال: «علِّمـوا وبشِّـروا ولا تعـسروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت»؛ قال ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ: «وهذا أيضاً دواء عظيم للغضب؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيراً، من السباب وغيره مما يعظم ضرره، فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده، وما أحسن قول مورق العجلي ـ رحـمه الله ـ: ما امتلأتُ غضباً قط ولا تكلمتُ في غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت»رابعاً: الوضوء:
عـن عطـية السعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صـلى الله علـيه وآله وسلم ـ: «إن الغـضـب من الشيطان؛ وإن الشيطان خُلِقَ من النار، وإنما تُطْفَأ النار بالماء؛ فإذا غضب أحدكم فليتوضأ»
وفي حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً: «ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم؛ أما رأيتم إلى حمرة عينيه، وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق بالأرض».خامساً: استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ:
فـمن استـحضر الثـواب الكبـير الذي أعـده الله ـ تعالى ـ لمن كتم غيظه وغضبه كان سبباً في ترك الغضب والانتقام للذات. وبتتبع بعض الأدلة من الكتاب والسنة نجد جملة من الفضائل لمن ترك الغضب منها:
1 ـ الظـفر بمحـبة الله ـ تعالى ـ والفـوز بمـا عنـده: قال تعالى :-
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾
﴿ آل عمران﴾
ومرتبة الإحسان هي أعلى مراتب الدين.
وقـال ـ تـعالى:
-
فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٣٦﴾ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴿٣٧﴾
﴿ الشورى﴾
2 ـ ترك الغضب سبب لدخول الجنة:
عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله! دلني على عمل يدخلني الجنة. قال: «لا تغضب! ولك الجنة»3 ـ المباهاة به على رؤوس الخلائق:
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: «مَن كظم غيظاً وهو يقدر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيِّره في أي الحور شاء»4 ـ النجاة من غضب الله تعالى:
عـن عـبد الله بـن عـمـرو ـ رضي الله عنهـما ـ قال: قلت: يا رسول الله! ما يمنعني من غضب الله؟ قال «لا تغضب»؛ فالجزاء من جنس العمل، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله ـ تعالى ـ خيراً منه.
وقال أبو مسعود البدري ـ رضي الله عنه -: كنت أضرب غـلامـاً لـي بالـسـوط فـسـمعت صـوتاً مـن خـلـفي: «اعـلـم أبـا مسـعود!» فلم أفهم الصوت من الغضب. قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فإذا هو يقول: «اعلم أبا مسعود! اعلم أبا مسعود!» قال: فألقيت السـوط مـن يدي. فـقال: «اعـلم أبـا مسـعود! أن الله أقدر عليك منـك علـى هـذا الغلام» قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً.5 ـ زيادة الإيمان:
قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: «وما من جرعة أحب إليَّ من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيماناً»
عـن ابـن عـمر ـ رضــي الله عنهما - قـال: قال رسـول الله ـ صلى الله عليـه وآلـه وسلم ـ: «ما من جرعة أعظم أجراً عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله»
قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى-: «ما تجرع عبد جرعة أعظم من جرعة حِلْم عند الغضب، وجرعة صبر عند المصيبة؛ وذلك لأن أصل ذلك هو الصبر على المؤلم، وهذا هو الشجاع الشديد الذي يصبر على المؤلم، والمؤلم إن كان مما يمكن دفعه أثار الغضب، وإن كان مما لا يمكن دفعه أثار الحزن، ولهذا يحمرُّ الوجه عند الغضب لثوران الدم عند استشعار القدرة، ويصفرُّ عند الحزن لغور الدم عند استشعار العجز»سادساً: الإكثار من ذكر الله تعالى:
قال تعالى :-
الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴿٢٥﴾
﴿ الرعد﴾
فمن اطمأن قلبه بذكر الله ـ تعالى ـ كـان أبـعد مـا يكون عن الغضب. قـال عكرمـة ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله ـ تعالى ـ:
-
وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴿٢٤﴾
﴿ الكهف﴾
(المقصود هنا : «إذا غضِبْت» )
سابعاً: العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً قال للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: أوصني! قال: «لا تغضب!» فردد مراراً قال «لا تغضب!» وهنيئاً لمن امتثل هذه الوصية وعمل بها، ولا شك أنها وصية جامعة مانعة لجميع المسلمين. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ: «هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي، وهو يريد أن يوصيه النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بكلام كلي، ولهذا ردد. فلما أعاد عليه النبي ـ صلى الله عليه وآلـه وسـلم ـ عرف أن هذا كلام جامع، وهو كذلك؛ فإن قوله: «لا تغضب» يتضمن أمرين عظيمين: أحدهما: الأمر بفعل الأسباب والتمرن على حسن الخلق والحلم والصبر، وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق، من الأذى القولي والفعلي؛ فإذا وفق لها العبد، وورد عليه وارد الغضب، احتمله بحسن خلقه، وتلقَّاه بحلمه وصبره، ومعرفته بحسن عواقبه؛ فإن الأمر بالشيء أمر به، وبما لا يتم إلا به، والنهي عن الشيء أمر بضده، وأمر بفعل الأسباب التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه، وهذا منه.
الثاني: الأمر ـ بعد الغضب ـ أن لا ينفذ غضبه: فإن الغضب غالباً لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده، ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه. فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب. فمتى منع نفسه من فعل آثار الغضب الضارة، فكأنه في الحقيقة لم يغضب. وبهذا يكون العبد كامل القوة العقلية، والقوة القلبية»
قال ميمون بن مهران: جاء رجل إلى سلمان ـ رضي الله عنه ـ فقال: يا أبا عبد الله! أوصني! قال: «لا تغضب!». قال: أمرتني أن لا أغضب، وإنه ليغشاني ما لا أملك. قال: فإن غضبت فاملك لسانك ويدك.ثامناً: النظر في نتائج الغضب:
فكثير الغضب تجده مصاباً بأمراض كثيرة كالسكري والضغط والقولون العصبي وغيرها مما يعرفها أهل الاخـتصاص، كما أنه بسببه تصدر من الغاضب تصرفات قولـية أو فعـلية ينـدم عليـها بـعد ذهاب الغضب. روي عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: «لذة العفو يلحقها حمد العاقبة، ولذة التشـفي يلحـقها ذم الندم» وقيل: من أطاع الغضب أضاع الأرَب.
وقال الكريزي :
ولم أرَ في الأعداء حين اختبرتهم *** عدواً لعقل المرء أعدى من الغضب
وكثيراً ما نسمع أن والداً قتل ولده، أو ولداً قتل والده فضلاً عن غيرهم بسبب الغضب، وكم ضاع من خير وأجر وفضل بسبب الغضب، وكم حلت من مصيبة ودمار وهلاك بسبب الغضب، وبسبب ساعة غضب قطعت الأرحام، ووقع الطلاق، وتهاجر الجيران، وتعادى الإخوان. عن وائل ـ رضي الله عنه ـ قال: «إني لقاعد مع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة فقال: يا رسول الله! هذا قتل أخي. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: «أقتلته»؟ فقال: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة. قال: نعم قتلته! قال: «كيف قتلته»؟ قال: كنت أنا وهو نحتطب من شجرة فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه فقتلته»
قال مروان بن الحكم في وصيته لابنه عبد العزيز: «إن كان بك غضب على أحد من رعيتك فلا تؤاخذه به عند سَوْرة الغضب، واحبس عنه عقوبتك حتى يسكن غضبك، ثم يكون منك ما يكون وأنت ساكن الغضب منطفئ الجمرة؛ فإن أول من جعل السجن كان حليماً ذا أناة»
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «إذا اقتدحت نار الانتقام من نار الغضب ابتدأت بإحراق القادح، أَوْثِقْ غضبك بسلسلة الحلم؛ فإنه كلب إن أفلتَ أتلَف»تاسعاً: أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ ورده:
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: «ليس الشديد بالصُّرَعة؛ إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب؛قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «أي مالك نفسه أوْلى أن يسمى شديداً من الذي يصرع الرجال»
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: «ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون مـا لا يصلح؛ فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد»
ليست الأحلام في حال الرضا *** إنما الأحلام في حال الغضب
وعـن أنـس ـ رضـي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسـلم ـ مـر بقـوم يصـطرعون فـقال: «مـا هذا»؟ فقالوا: يا رسول الله! فلان ما يصارع أحداً إلا صرعه. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: «أفلا أدلكم على مَن هو أشد منه: رجل ظلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه»عاشراً: قبول النصيحة والعمل بها:
فعلى من شاهد غاضباً أن ينصحه، ويذكِّره فضل الحلم، وكتم الغيظ، وعلى المنصوح قبولُ ذلك. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما :استأذن الحر بن قيس لعيينة فأذن له عمر؛ فلما دخل عليه قال: هِي! يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزْل (أي العطاء الكثير) ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى همَّ به. فـقال لـه الحـر: يا أمـير المؤمـنين! إن الله ـ تـعالى ـ قـال لنبـيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم :-
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴿١٩٩﴾
﴿ الأعراف﴾
وإن هذا من الجاهلين؛ واللهِ ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله.
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «وهكذا الغضبان فإنه إذا اشـتد به الغضب يألم بحمله فيقول ما يقول، ويفعل ما يفعل؛ ليدفع عن نفسه حرارة الغضب فيستريح بذلك الحادي عشر: أخذ الدروس من الغضب السابق:
فلو استحضر كل واحد منا قبل أن يُنفذ غضبه الحاضر ثمرةَ غضبٍ سابقٍ ندم عليه بعد إنفاذه لما أقدم على ما تمليه عليه نفسه الأمارة بالسوء مرة ثانية، فمنع الغضب أسهل من إصلاح ما يفسده. قال ابن حبان ـ رحمه الله تعالى : «سرعة الغضب من شيم الحمقى كما أن مجانبته من زي العقلاء، والغضب بذر الندم؛ فالمرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على إصلاح ما أفسد به بعد الغضب»الثاني عشر: اجتناب وإزالة أسباب الغضب:
وقد ذكرت جملة منها:
قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ: «ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم: السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور، وذلك بنسيان ما مضى من المكاره التي لا يمكنه ردُّها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، وأن ذلك حمق وجنون»الثالث عشر: معرفة أن المعاصي كلها تتولد من الغضب والشهوة؛ فتركه إغلاق لباب من أبواب العصيان:
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «ولما كانت المعاصي كلها تتولد من الغضب والشهوة، وكان نهاية قوة الغضب القتل، ونهاية قوة الشهوة الزنى جمع الله ـ تعالى ـ بين القتل والزنى، وجعلهما قرينين في سورة الأنعام، وسورة الإسراء، وسورة الفرقان، وسورة الممتحنة، والمقصود أنه ـ سبحانه ـ أرشد عباده إلى ما يدفعون به شر قوتي الغضب والشهوة من الصلاة والاستعاذة»الرابع عشر:
قال ابن حبان ـ رحمه الله تعالى : «لو لم يكن في الغـضب خـصـلة تــذم إلا إجـمـاع الحكـماء قـاطـبة علـى أن الغضـبان لا رأي لـه لكـان الواجـب عليه الاحتيال لمفارقته بـكل سـبـب» ؛ لذا فقد قال النبـي ـ صـلى الله عليه وآله وســلم ـ: «لا يحــكم أحــد بــين اثنــين وهو غضبان» . قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى : «إن الفقهاء اختلفوا في صحة حكم الحاكم في الغضب على ثلاثة أقوال وهي ثلاثة أوجه في مذهب أحمد: أحدها: لا يصح ولا ينفذ؛ لأن النهي يقتضي الفساد. والثاني: ينفذ. والثالث: إن عرض له الغضب بعد فهم الحكم نفذ حكمه، وإن عرض له قبل ذلك لم ينفذ» وقال معللاً المنع: «إنما كان ذلك؛ لأن الغضب يشوش عليه قلبه وذهنه، ويمنعه من كمال الفهم، ويحول بينه وبين استيفاء النظر، ويعمي عليه طريق العلم والقصد»؛ لهذا كان من وصية أمير المؤمنين عمر لأبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنهما ـ في القضاء: «وإياك والغضب والقلق والضجر»
وفيما يلي بعض الآيات التي تعين على علاج الغضب المذموم:-
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾
﴿ آل عمران﴾
-
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴿١٥٩﴾
﴿ آل عمران﴾
-
وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿١٨﴾
﴿ يوسف﴾
-
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴿٩٧﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴿٩٨﴾ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴿٩٩﴾
﴿ الحجر﴾
-
وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿٦٣﴾
﴿ الفرقان﴾
-
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾
﴿ فصلت﴾
-
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٤٢﴾ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿٤٣﴾
﴿ الشورى﴾
-
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴿٢﴾ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴿٣﴾ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿٤﴾ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٦﴾ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ﴿٧﴾ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب ﴿٨﴾
﴿ الشرح﴾
- 8- نايف بن أحمد الحمد. "لا تغضب". تاريخ الإتاحة 10 أكتوبر ، 2010 . http://www.albayan-magazine.com/zwaya/trbwi/75.htm
9- محمد كامل عبد الصمد ." الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية ". تاريخ الإتاحة 1 أكتوبر ، 2010.
http://www.sitamol.net/forum/showthread.php?t=2739
10- حمد عبد اللطيف العجرودي."الهدي النبوي في منع وعلاج الغضب سبق طبي وإعجاز علمي" . تاريخ الإتاحة 17 أكتوبر ، 2010. http://www.ebnmaryam.com/vb/t139420.html